السبت، 4 يونيو 2011

التحذير من العلم بأمور الدنيا دون الآخرة

التحذير من العلم بأمور الدنيا دون الآخرة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن الله يبغض كل جعظري جواظ سخاب في الأسواق جيفة بالليل حمار بالنهارعالم بالدنيا جاهل بالآخرة
رواه ابن حبان البيهقي في السنن الكبرى
القاموس اللغوي
جعظري:  و هو الجموعُ المنوِعُ
جواذ   :  الرجلُ المستكبرُ
سخاب في الأسواق: يُكثرُ الكلامَ في الأسواق  في سبيلِ جمعِ المالِ
شرح الحديث
سمَّى رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلََّم في هذا الحديثِ أُناساً وصفهم بهذهِ الصفاتِ،
الصفةُ الأُولى :أن يكون المرءُ جعظرياً: وهو الجموعُ المنوِعُ أي الذي يحرصُ على جمعِ المالِ بنيَّةٍ فاسدةٍ وهي أن يكون جمْعُهُ للمالِ حباً بالمالِ من حيثُ ذاتُهُ ليتوصلَ لإشباعِ شهواتهِ المحرَّمةِ وليفخَرَ و يتكبرَ على عبادِ اللهِ، ليسَ يجمعُ المال من طريقِ الحلالِ ليَصرفَه فيما أحلَّ الله لأنَّ الذي يجمعُ المالَ ليصرِفَهُ بالحلالِ لا ليفخرَ به على الناسِ ولا ليبطَر به بطراً ولا ليتوصلَ به الى الشهوات المحرمة فإن ذلك ليس بمذموم لأن رسول اللهِ صلى الله عليه و سلم لم يَذُمَّ المال ذماً مطلقاً ولا مدحه مدحاً مطلقاً، المالُ منهُ ما يُذمُّ ومنه ما يُمدحُ. فالمالُ المذمومُ هو المالُ الذي يجمعُهُ المرءُ من حرامٍ لا يبالي من حلالٍ أخذهُ أم من حرامٍ أو يجمعُ المالَ ليقضيَ به شهواتِه المحرَّمةَ أي ليشبعُ نفسه من شهواتِهِ المحرمةِ أو ليفخرَ به على الناس أو ليتكبرَ فهذا هو المالُ المذمومُ، وأمَّا المالُ الذي يجمعه المرءُ المسلمُ من حلالٍ بنية أن يسْتِر به نفسَه وينفعَ به نفسَه أو غيرَه أو ينفقَه على أولادِهِ وعلى أبويهِ وغيرِهما من أقاربِه بغيرِ نيةِ التَّوصُلِ إلى الفخرِ والتكبرِ على الناسِ فإن ذلك َ المالَ ليسَ بمذمومٍ ودليلنا على ذلكَ ما رواهُ الإمامُ أحمدُ وإبنُ حبان بالإسنادِ الصحيحِ أنه صلى اللهُ عليه وسلمَ قال لعمرو بنِ العاصِ "نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجلِ الصالحِ"، والمالُ الصالحُ هو المالُ الذي يجمعُهُ المرءُ ويكتسبُهُ بطريقٍ حلالٍ.
الصفة الثانية: أن يكون المرءُ جواذا : وأمّا الجوَّاظُ فهو الرجلُ المستكبرُ فإذا جمع مع صفةِ الجعظريِّ أن يكون جواظاً فقد ارتفعَ في الشرِّ والفسادِ
الصة الثالثة: أن يكون المرءُ سخابا: أي أنه من شدةِ حرصِهِ على المالِ يُكثرُ الكلامَ في سبيلِ جمعِ المالِ
الصفة الرابعة: أن يكونَ جيفةً بالليلِ حماراًبالنهارِ: و هو كناية أنه يستغرقُ ليله بالنومِ ولا يهتمُ بأن يكسبَ في ليلهِ من الصَّلواتِ وحمارٍ بالنهارِكنايةأن همُّه الإكثارِمن الأكلِ و من الملذاتِ وينشغلُ بذلكَ عنِ القيامِ بما افترضَهُ اللهُ عليه
الصفة الخامسة:أن يكون عارفاً بأمرِ الدنيا جاهلأ بأمرِ الآخرةِ فيتزايد شره إلى شره بعدم العلم الشرعي الذي به يفرق بين الحلال و الحرام و الجائز و الممنوع من الأفعال و التصرفات و به تصلح دنياه و آخرته, و من هنا يعلم أن من آتاه اللهُ المال وكان عارفاً بطرق جمع المال وهو جاهل بأمورِ الدّينِ أي بما افترض الله عليه معرفَتْه من علمِ الدينِ فهو من شر خلقِ الله. ثم لا سبيلَ إلى أداءِ ما افترضَ اللهُ واجتنابِ ما حرَّم اللهُ إلا بمعرفة العلم الضروري من علم الدين الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ" فمن أعرض عن التعليم يهلك وهو لا يشعرُ.
ما يستفاد من الحديث
·        في قوله صلى الله عليه و سلم "إنَّ اللهَ يُبْغِضُ كلَّ جعظريٍّ"… فيه ذم لمن همه جمعُ المالِ لا يبالي إن جمعَه من حلالٍ أو من حرام ويبخلُ عن دفعِ المالِ في ما أمر الله تعالى بالإنفاقِ فيهِ.
·        من شأن الجعظري أن يكون متكبرا سخابا تاركا للعبدات و القربات , مقبلا عن الملذات و الشهوات , مهتما بعلم الدنيا , معرضا عن ضروري علم الآخرة
·        دلالة الحديث على التحذير من العلم بأمور الدنيا دون الآخرة
·        الاعراض عن الغلم الشرعي موجب للهلاك في الدنيا و الآخرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق