السبت، 4 يونيو 2011

علم التوثيق الحديث


علم التوثيق الحديث

تعريفه :
 عرف بتعاريف كثيرة نختار منها التعريف الآتي:
" التوثيق هو علم السيطرة على المعلومات " واخترنا هذا التعريف لاستيعابه مختلف مكونات هذا العلم . فلفظ المعلومات المذكورة في التعريف تتضمن جميع أشكال وعاء المعرفة سواء كانت وثيقة, أو كتابا, أوصورة ,أو تسجيلا صوتيا أو فديويا ,أو نصا الكترونيا.
ولفظ السيطرة في التعريف يتضمن  مختلف العمليات الفنية لحفظ الوثائق واستعمالها واستخراجها عند الحاجة ومن هذه العمليات الفنية : التجميع والاختزان و التصنيف و التكشيف و محركات البحث والمكانز الآلية والفهرسة الآلية.فالتعريف المذكور يشمل أمرين و هو ما يفهم من التوثيق اليوم عند الإطلاق:
1.     عملية تجميع و تصنيف و تنظيم الوثائق
2.     عملية استغلال و استثمار و استعمال الوثائق
نشأته وتطوره
  يعد القرن التاسع عشر البداية الحقيقية  الأولى لعلم التوثيق الحديث ظهر مع نظام ديوي[1] للتصنيف وشهد انطلاق معظم الأساليب المستخدمة فيما بعد في مجال التوثيق ووضع أسسها علميا
المستخدمة من كشافات و المستخلصات و الأدلة بمختلف أنواعها (مدينة الأفراد – أدلة الهيئات و الجمعيات والمنظمات الدولية -  أدلة الدوريات – أدلة المؤتمرات وحلقات البحث – أدلة المواد السمعية  و البشرية ) ونظم التصنيف المستخدمة في تنظيم المكتبات ودور الأرشيف و نظم الفهرسة
والــمكانز ثم في أواسط القرن العشرين فتحت آفاق جديدة أمام نظام استرجاع المعلومات و يعتبر فاني بابوش أول من دعا إلى ذلك عام 1945.
ومع تطوير تقنيات البحث والاسترجاع والمكانز الآلية و الشبكات العصبونية  اعتمدت المكتبات الكبرى في العالم على هذه الاليا تحويل ملايين الكتب من شكل الورق إلى الشكل الرقمي ( مكتبة الكونجريس والمكتبة البريطانية) و أصبح اليوم تستخدم في نظم التوثيق الكترونيا أدوات حديثة متطورة كمحرك البحث والمكنز الآلي والنصوص الفائقة hipertex ونظم الأرشفة الضوئية ونظم الأرشيف الرقمية.
وشهد العقد الأخير من القرن العشرين تطورات كبيرة في مجال تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال الإدارة وبذلك أمكن تقنيا معالجة المعلومات المطلوبة  ونقلها في جميع أقسام المؤسسات المتباعدة الجغرافية مما أدى إلى اهتمام الأرشيفيين حفظ واسترجاع هذه  الوثائق الالكترونية التي تجري ضمن بيئة الكترونية بحتة
وتتجه نظم التوثيق الحديثة حاليا إلى نظم متكاملة تتيح للمستفيد المستفسر عن موضوع محدد تناوله بعدة طرق مختلفة في آن واحد  قراءة وسماعا ومشاهدة إلى جانب الوثائق  الرسمية , وهذه النظم أصبحت متاحة اليوم على شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) وتعتبر هذه النظم محركات بحث ذكية تبحث عن الكلمة المفتاحية  ومرادفاتها و الروابط التي من خلالها يمكن الانتقال إلى مواقع أخرى حيث توجد تلك المعلومات بمختلف أنواعها و وعائها المعرفي .
Résuméabuiyad

القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة


القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة

عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة: اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار رواه الأربعة وصححه الحاكم.


مخرجو الحديث
(أخرجه الترمذي)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ فَذَاكَ فِي النَّارِ وَقَاضٍ لَا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ
(اخرجه ابن ماجة)
حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ قَالَ لَوْلَا حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ جَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ لَقُلْنَا إِنَّ الْقَاضِيَ إِذَا اجْتَهَدَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ
(أخرجه أبو داود)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ بُرَيْدَةَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ
لغة الحديث
 ( فجار في الحكم ) : أي مال عن الحق وظلم عالما به متعمدا له
( على جهل ) : حال من فاعل قضى , أي قضى للناس جاهلا .

درجة الحديث

الحديث: حديث بريدة هذا حديث جيد وله طرق وجاء ببعض الطرق من طريق رواية خلف بن خليفة بن صاعد الأشجعي، وهو قد اختلط وادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي رضي الله عنه، وقد أنكر عليه ذلك الإمام أحمد والجماعة وأن هذا من تخليطه، وقد تابعه بعض الرواة الثقات عند أبي داود، وهو حديث جيد.
ترجمة راوي الحدبث
هو الصحابي أبو سهل بريدة بن الحصيب اينن عبد الله لن الحارث الأسلمي المدني, أقام بالبصرة و توفي سنة 63  .
التحليل
والقضاء في اللغة: الفصل، معناه الفصل والقطع، قال الزهري - رحمه الله تعالى - : القضاء في الأصل إحكام الشيء والفراغ منه ، ويكون القضاء إمضاء الحكم . ومنه قوله تعالى : وقضينا إلى بني إسرائيل  وسمي الحاكم قاضيا ; لأنه يمضي الأحكام ويحكمها ، ويكون ( قضى ) بمعنى أوجب ، فيجوز أن يكون سمي قاضيا لإيجابه الحكم على من يجب عليه ، وسمي حاكما لمنعه الظالم من الظلم ، يقال : حكمت الرجل ، وأحكمته : إذا منعته ، وسميت حكمة الدابة ; لمنعها الدابة من ركوبها رأسها ، وسميت الحكمة حكمة ; لمنعها النفس من هواها .
وهو في الشرع: قال ابن تيمية رحمه الله في بلوغ المرام: فصل الخصومات وقطع النزاعات. والمقصود منه هو وصول الحق إلى صاحبه، والقضاء إما أن يكون بحكم مر الحق بمعنى أن يحكم حكما ويفصل فصلا، وإما أن يكون فصلا مع صلح. ومن تعين عليه القضاء ولم يوجد غيره فيجب عليه إذا كان أهلا لذلك، ويعان ويؤجر، وجاءت الأدلة بنحو هذا، لكن يجب على القاضي أن يحذر ذلك، وأن يجتهد في فصل القضاء بالحق واجتناب ما يكون سببا إلى وقوع الباطل لعدم الفصل بالحق، للحكم بغير الحق أو الحكم مع الجهل،.
شرح الحديث
الحديث بين أن القضاة ثلاثة أنواع واحد منهم في الجنة و الثلثان منهم في النار:
النوع الأول: القاضي الذي قضى قاض من عرف الحق وقضى به فهو في الجنة، و المراد بالحق ما كان وفق أحكام  القرآن و السنة أو مستنبط منهما استنباطا شرعيا ممن له أهلية لذلك فإن اجتهد في قضية وفق الشرع مستغرقا الوسع فيها عالما بالأحكام قاضيا وفقها نال الجنة لعدله وإنصاف الظالم من المظلوم و أعطاء كل ذي حق حقه
النوع الثاني: القاضي الذي قضى بالجهل مع عدم المعرفة، و هو متوعد بالنار لأنه بجهله يكون ظالما لنفسه لأنه ليس أهلا لذلك و لغيره حيث بجهله لا يحقق العدل لمستحقه و لا يوصله إليه و لا تنقطع المنازعات
النوع الثالث: القاضي الذي قضى بغير الحق مع العلم، وهو متوعد، وهو في النار لأنه بقضى بالظلم و هو عارف بذلك فيكون ظالما لنفسه و لغيره حيث بجوره لا يحقق العدل لمستحقه المطلوب منه شرعا و لا يوصله إليه .فاستحق بذلك الوعيد بالنار
ما يستفادمن الحديث
·        فضل الحكم بالحق وفضل القضاء، لكن مع عظيم خطره وبيان شدة شأنه، و قد تركه كثير من السلف و الخلف من أهل الفضل و العلم و الورع في غير حال فرض العين
·        الناجي من النار من القضاة من عرف الحق وعمل به فإن عرف الحق ولم يعمل يه في قضائه كان كمن حكم بجهل سواء في النار
·        ظاهر الحديث أن من حكم بجهل وإن وافق حكمه الحق فإنه في النار لأنه يصدق على من وافق الحق وهو جاهل في قضائه أنه قضى على جهل
·        التحذير من الحكم بجهل أو بخلاف الحق مع معرفته به
·        لا اعتبار لحكم القاضي بجهل أو جور
Résuméabuiyad

الترغيب في القضاء بالحق

الترغيب  في القضاء بالحق
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ
متفق عليه واللفظ للبخاري
سبب الورود
جاء رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختصمان في ارث بينهما ولم يكن لهما بينة إلا دعواهما المجردة فقال رسول الله ( إنما أنا بشر...) (رواية أبي داوود )
وفي صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم سمع خصومة بحجرته فخرج إليهم فقال: إنما أنا بشر ...
ترجمة راوية الحديث : أم سلمة : هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم , القراشية , المخزومية , أم المؤمنين , كانت جوز ابن عمها أبي سامة ابن عبد الأسد بن المغيرة فمات عنها فتجوزها الرسول صلى الله عليه و سلم في جمادى الآخرة سنة أربع وقيل ثلاث , و هي أول امرأة هاجرت إلى الحبشة وأول امرأة دخلت المدينة روت عن النبي صلى الله عليه و سلم و عن أبي سلمة و عن فاطمة الزهراء , وروى عنها ابنها عمر و زينب و أخوها عامر و بن أخيها مصعب بن عبد الله وغيرهم , كما روى عنها بعض كبار التابعين كسعيد بن المسيب و اختلف في سنة و فاتها قيل 59 أو 60 أو 62 أو قبل ذلك .
درجة الحديث
حديث صحيح متفق عليه في صحته و لم يختلف في إسناده و رجاله كلهم ثقات مشهورون بالعدالة و الضبط .
مخرج الحديث
أخرج هذا الحديث بالإضافة إلى الإمام مالك في الموطأ , البخاري في كتاب الشهادات و في الأحكام و مسلم في صحيحه وغيرهم بألفاظ مختلفة  .
مضامين الحديث
1- اثبات بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم وان امتاز عن سائر البشر بمزايا وصفات .
2- وجوب الاحتكام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته والى سنته و شرعه بعد وفاته
3- ادعاء الباطل و تزيينه من الأمور البشرية التي لا يخلوا منها زمن .
4- الحكم بظواهر الأمور و الله يتولى السرائر .
5- لا يعلم الأمور الغيبية و بواطنها إلا الله ومن أطلعه عليها من رسول .
6- التحذير من أكل أموال الناس بالباطل وبيان جزاء من أخذ مال الغير بغير حق .
شرح الحديث
صحيح مسلم بشرح الامام النووي
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا بشر ) معناه التنبيه على حالة البشرية , وأن البشر لا يعلمون من الغيب وبواطن الأمور شيئا إلا أن يطلعهم الله تعالى على شيء من ذلك , وأنه يجوز عليه في أمور الأحكام ما يجوز عليهم , وأنه إنما يحكم بين الناس بالظاهر , والله يتولى السرائر , فيحكم بالبينة وباليمين ونحو ذلك من أحكام الظاهر مع إمكان كونه في الباطن خلاف ذلك , ولكنه إنما كلف الحكم بالظاهر , وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) وفي حديث المتلاعنين : " لولا الأيمان لكان لي ولها شأن " ولو شاء الله تعالى لأطلعه صلى الله عليه وسلم على باطن أمر الخصمين فحكم بيقين نفسه من غير حاجة إلى شهادة أو يمين , لكن لما أمر الله تعالى أمته باتباعه والاقتداء بأقواله وأفعاله وأحكامه أجرى له حكمهم في عدم الإطلاع على باطن الأمور , ليكون حكم الأمة في ذلك حكمه , فأجرى الله تعالى أحكامه على الظاهر الذي يستوي فيه هو وغيره ; ليصح الاقتداء به , وتطيب نفوس العباد للانقياد للأحكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن . والله أعلم . فإن قيل : هذا الحديث ظاهر أنه قد يقع منه صلى الله عليه وسلم في الظاهر مخالف للباطن , وقد اتفق الأصوليون على أنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ في الأحكام , فالجواب أنه لا تعارض بين الحديث وقاعدة الأصوليين ; لأن مراد الأصوليين فيما حكم فيه باجتهاده , فهل يجوز أن يقع فيه خطأ ؟ فيه خلاف , الأكثرون على جوازه , ومنهم من منعه , فالذين جوزوه قالوا : لا يقر على إمضائه , بل يعلمه الله تعالى به ويتداركه , وأما الذي في الحديث فمعناه : إذا حكم بغير اجتهاد كالبينة واليمين فهذا إذا وقع منه ما يخالف ظاهره باطنه لا يسمى الحكم خطأ , بل الحكم صحيح بناء على ما استقر به التكليف , وهو وجوب العمل بشاهدين مثلا , فإن كانا شاهدي زور أو نحو ذلك فالتقصير منهما وممن ساعدهما , وأما الحكم فلا حيلة له في ذلك , ولا عيب عليه بسببه بخلاف ما إذا أخطأ في الاجتهاد , فإن هذا الذي حكم به ليس هو حكم الشرع . والله أعلم . وفي هذا الحديث : دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير علماء الإسلام وفقهاء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم أن حكم الحاكم لا يحيل الباطن , ولا يحل حراما , فإذا شهد شاهدا زور لإنسان بمال , فحكم به الحاكم ; لم يحل للمحكوم له ذلك المال , ولو شهدا عليه بقتل لم يحل للولي قتله مع علمه بكذبهما , وإن شهدا بالزور أنه طلق امرأته لم يحل لمن علم بكذبهما أن يتزوجها بعد حكم القاضي بالطلاق , وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : يحل حكم الحاكم الفروج دون الأموال , فقال : يحل نكاح المذكورة , وهذا مخالف لهذا الحديث الصحيح ولإجماع من قبله , ومخالف لقاعدة وافق هو وغيره عليها , وهي أن الأبضاع ولى بالاحتياط من الأموال . والله أعلم . قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإنما أقطع له به قطعة من النار ) معناه : إن قضيت له بظاهر يخالف الباطن فهو حرام يؤول به إلى النار . قوله صلى الله عليه وسلم : ( فليحملها أو يذرها ) ليس معناه التخيير , بل هو التهديد والوعيد , كقوله تعالى : { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } وكقوله سبحانه : { اعملوا ما شئتم } . قوله : ( سمع لجبة خصم بباب أم سلمة ) هي بفتح اللام والجيم وبالباء الموحدة , وفي الرواية التي قبل هذه : ( جلبة خصم ) بتقديم الجيم وهما صحيحان , والجلبة واللجبة اختلاط الأصوات , والخصم هنا الجماعة , وهو من الألفاظ التي تقع على الواحد والجمع . والله أعلم . قوله صلى الله عليه وسلم : ( فمن قضيت له بحق مسلم ) هذا التقييد بالمسلم خرج على الغالب وليس المراد به الاحتراز من الكافر , فإن مال الذمي والمعاهد والمرتد في هذا كمال المسلم . والله أعلم .
ما يؤخذ من الحديث
أخذ العلماء كثيرا من الفوائد العلمية و الفقهية منها:
1.     أن البشر لا يطلع على الغيب و لو كان رسولا إلا أن يخبر عن بعضه وحيا
2.     أن الحكم ينبني على الظاهر دون الباطل كما يدل عليه أيضا قوله صلى الله عليه و سلملرجل قتلا رجلا من المشركين بعدما قال أشهد ن لا إله إلا الله " فهلا شققت على بطنه فعلمت ما في قلبه "
3.     أن النزاعات التي تقع بين المسلمين يرجع في فضها إلى الرسول صاى الله عليه و سلم, بصفته رسولا و إماما لهم, و ذلك بالتحاكم إلى شخص أو نائبه في حياته, و إلى شريعته بعد وقاته
4.     أن القاضي يستند في حكمه إلى حجج الخصوم على نحو ما بسمع من الخصمين من قوة الحجة و بيان البرهان, فإذا اجتهد و اخطأ فلا إثم عليه و إنما يؤجر حسب الحديث
5.     أن الحاكم لا يستند إلى علمه و هو المشهور من مذهب مالك و أحمد و جماعة, و قال الشافعي و جماعة ( منهم ابن الماجشون و اصبغ و سحنون من المالكية) بقبضي القاضي بعلمه مطلقا, و فصل أبو حنيفة فقال: يستند القاضي إلى علمه في الأموال دون الحدود و غيرها
6.     أن حكم الحاكم لا لا يحل الحرام و لا يحرم الحلال , فالمدعي الذي يكسب القضية بباطله, لا يرتفع عنه الاثم بالحكم , فنما يتعلق به باطنا و هو مذهب الجمهور
7.     في الحديث دليل على عظم اثم من خاصم في باطل حتى صار في الظاهر حقا, فلا يحل له تناوله في الباطن
Résuméabuiyad

القضاء باليمين و الشاهد

القضاء باليمين و الشاهد

عن قضى بيمين وشاهد  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنعباس رواه مسلم في الأقضية قال المنذري وأخرجه مسلم والنسائي  ماجه  وابن
: قال الحافظ : أصح أحاديث الباب حديث ابن عباس ، قال ابن عبد البر : لا مطعن لأحد في إسناده ، قال ولا خلاف بين أهل المعرفة في صحته
 قال الخطابي : يريد أنه قضى للمدعي بيمينه مع شاهد واحد ، كأنه أقام اليمين مقام شاهد آخر فصار كالشاهدين انتهى .
والحديث دليل على جواز القضاء بشاهد ويمين وقال جمهور علماء الإسلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار : يقضى بشاهد ويمين المدعي في الأموال وما يقصد به الأموال . وبه قال أبو بكر الصديق وعلي وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي وأحمد وفقهاء المدينة وسائر علماء الحجاز ومعظم علماء الأمصار - رضي الله عنهم - ، وحجتهم أنه جاءت أحاديث كثيرة في هذه المسألة من رواية علي وابن عباس وزيد بن ثابت وجابر وأبي هريرة وعمارة بن حزم وسعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم . . قال النووي ،: واختلف العلماء في ذلك ، فقال أبو حنيفة - رحمه الله - والكوفيون والشعبي والحكم والأوزاعي والليث والأندلسيون من أصحاب مالك : لا يحكم بشاهد ويمين في شيء من الأحكام
قال الخطابي : القضاء بيمين وشاهد خاص في الأموال دون غيرها ؛ لأن الراوي وقفه عليها ، والخاص لا يتعدى به محله ولا يقاس عليه غيره ، واقتضاء العموم منه غير جائز لأنه حكاية فعل والفعل لا عموم له فوجب صرفه إلى أمر خاص ، قال ولما قال الراوي هو في الأموال كان مقصورا عليها انتهى
Résuméabuiyad

أجر الاجتهاد

أجر الاجتهاد

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
رواه البخاري و مسلم و غيرهما و اللفظ للبخاري
مخرجو الحديث
أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب: الاعتصام بالكتاب و السنة, باب : أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب  أو أخطأ
و أخرجه مسلم في صحيحه, كتاب: الأقضية  باب: بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب  أو أخطأ
والترمذي و النسائي و أبو داود و ابن ماجة في سننهم , وأحمد في مسنده
درجة الحديث
حديث صحيح متفق عليه في صحته و لم يختلف في اسناده و رجاله كلهم ثقات مشهورون بالعدالة و الضبط
الشرح
قال في فتح الباري في شرح صحيح البخاري
قوله ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب ) في رواية أحمد " فأصاب " قال القرطبي : هكذا وقع في الحديث بدأ بالحكم قبل الاجتهاد والأمر بالعكس , فإن الاجتهاد يتقدم الحكم إذ لا يجوز الحكم قبل الاجتهاد اتفاقا , لكن التقدير في قوله " إذا حكم " إذا أراد أن يحكم فعند ذلك يجتهد , قال ويؤيده أن أهل الأصول قالوا : يجب على المجتهد أن يجدد النظر عند وقوع النازلة , ولا يعتمد على ما تقدم له لإمكان أن يظهر له خلاف غيره انتهى , ويحتمل أن تكون الفاء تفسيرية لا تعقيبية وقوله " فأصاب " أي صادف ما في نفس الأمر من حكم الله تعالى .
قوله ( ثم أخطأ ) أي ظن أن الحق في جهة , فصادف أن الذي في نفس الأمر بخلاف ذلك , فالأول له أجران : أجر الاجتهاد وأجر الإصابة . والآخر له أجر الاجتهاد فقط
قال أبو بكر بن العربي تعلق بهذا الحديث من قال إن الحق في جهة واحدة للتصريح بتخطئة واحد لا بعينه , قال وهي نازلة في الخلاف عظيمة , وقال المازري تمسك به كل من الطائفتين من قال إن الحق في طرفين , ومن قال إن كل مجتهد مصيب , أما الأولى فلأنه لو كان كل مصيبا لم يطلق على أحدهما الخطأ لاستحالة النقيضين في حالة واحدة ; وأما المصوبة فاحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم جعل له أجرا فلو كان لم يصب لم يؤجر , وأجابوا عن إطلاق الخطأ في الخبر على من ذهل عن النص أو اجتهد فيما لا يسوغ الاجتهاد فيه من القطعيات فيما خالف الإجماع فإن مثل هذا إن اتفق له الخطأ فيه نسخ حكمه وفتواه ولو اجتهد بالإجماع , وهو الذي يصح عليه إطلاق الخطأ , وأما من اجتهد في قضية ليس فيها نص ولا إجماع فلا يطلق عليه الخطأ , وأطال المازري في تقرير ذلك والانتصار له , وختم كلامه بأن قال إن من قال إن الحق في طرفين هو قول أكثر أهل التحقيق من الفقهاء والمتكلمين ; وهو مروي عن الأئمة الأربعة وإن حكى عن كل منهم اختلاف فيه . قلت : والمعروف عن الشافعي الأول , قال القرطبي في المفهم : الحكم المذكور ينبغي أن يختص بالحاكم بين الخصمين , لأن هناك حقا معينا في نفس الأمر يتنازعه الخصمان , فإذا قضى به لأحدهما بطل حق الآخر قطعا , وأحدهما فيه مبطل لا محالة , والحاكم لا يطلع على ذلك فهذه الصورة لا يختلف فيها أن المصيب واحد لكون الحق & في طرف & واحد , وينبغي أن يختص الخلاف بأن المصيب واحد , إذ كل مجتهد مصيب بالمسائل التي يستخرج الحق منها بطريق الدلالة , وقال ابن العربي : عندي في هذا الحديث فائدة زائدة حاموا عليها فلم يسقوا وهي : أن الأجر على العمل القاصر على العامل واحد , والأجر على العمل المتعدي يضاعف , فإنه يؤجر في نفسه وينجر له كل ما يتعلق بغيره من جنسه فإذا قضى بالحق وأعطاه لمستحقه ثبت له أجر اجتهاده وجرى له مثل أجر مستحق الحق , فلو كان أحد الخصمين ألحن بحجته من الآخر فقضي له - والحق في نفس الأمر لغيره - كان له أجر الاجتهاد فقط . قلت : وتمامه أن يقال : ولا يؤاخذ بإعطاء الحق لغير مستحقه لأنه لم يتعمد ذلك بل وزر المحكوم له قاصر عليه , ولا يخفي أن محل ذلك أن يبذل وسعه في الاجتهاد وهو من أهله , وإلا فقد يلحق به الوزر إن أخل بذلك والله أعلم .

قال الإمام النووي عند شرحه الحديث:
قوله : ( عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص ) هذا الإسناد فيه أربعة تابعيون بعضهم عن بعض , وهم يزيد فمن بعده . قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران , وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ) قال العلماء : أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم , فإن أصاب فله أجران : أجر باجتهاده , وأجر بإصابته , وإن أخطأ فله أجر باجتهاده . وفي الحديث محذوف تقديره : إذا أراد الحاكم فاجتهد , قالوا : فأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم , فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم , ولا ينفذ حكمه , سواء وافق الحق أم لا ; لأن إصابته اتفاقية ليست صادرة عن أصل شرعي فهو عاص في جميع أحكامه , سواء وافق الصواب أم لا , وهي مردودة كلها , ولا يعذر في شيء من ذلك , وقد جاء في الحديث في السنن " القضاة ثلاثة : قاض في الجنة , واثنان في النار , قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة , وقاض عرف الحق فقضى بخلافه فهو في النار , وقاض قضى على جهل فهو في النار " , وقد اختلف العلماء في أن كل مجتهد مصيب أم المصيب واحد , وهو من وافق الحكم الذي عند الله تعالى والآخر مخطئ لا إثم عليه لعذره ؟ والأصح عند الشافعي وأصحابه أن المصيب واحد , وقد احتجت الطائفتان بهذا الحديث , وأما الأولون القائلون : ( كل مجتهد مصيب ) فقالوا : قد جعل للمجتهد أجر فلولا إصابته لم يكن له أجر , وأما الآخرون فقالوا : سماه مخطئا , لو كان مصيبا لم يسمه مخطئا , وأما الأجر فإنه حصل له على تعبه في الاجتهاد , قال الأولون : إنما سماه مخطئا لأنه محمول على من أخطأ النص أو اجتهد فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد كالمجمع عليه وغيره , وهذا الاختلاف إنما هو في الاجتهاد في الفروع , فأما أصول التوحيد فالمصيب فيها واحد بإجماع من يعتد به , ولم يخالف إلا عبد الله بن الحسن العبتري وداود الظاهري فصوبا المجتهدين في ذلك أيضا , قال العلماء : الظاهر أنهما أراد المجتهدين من المسلمين دون الكفار . والله أعلم
Résuméabuiyad

اختلاف المجتهدجين

اختلاف المجتهدجين

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي شَبَابَةُ حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ وَقَالَتْ الْأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَام فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى لَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى
 رواه البخاري و مسلم و غيرهما و اللفظ لمسلم
درجة الحديث  توفرت فيه شروط الصحة من اتصال السند و عدالة رواته و ضبطهم , فرواته عند مسلم حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي شَبَابَةُ حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 و عند البخاري حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ وَقَالَتْ الْأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَام فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلَّا يَوْمَئِذٍ وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا الْمُدْيَةَ

الشرح
قال الامام النووي في شرحه لصحيح مسلم
قضاء داود وسليمان صلى الله عليهما وسلم في الولدين اللذين أخذ الذئب أحدهما فتنازعته أماهما , فقضى به داود للكبرى , فلما مرتا بسليمان قال : أقطعه بينكما نصفين فاعترفت به الصغرى للكبرى بعد أن قالت الكبرى : اقطعه , فاستدل سليمان بشفقة الصغرى على أنها أمه , وأما الكبرى فما كرهت ذلك ; بل أرادته لتشاركها صاحبتها في المصيبة بفقد ولدها . قال العلماء : يحتمل أن داود صلى الله عليه وسلم قضى به للكبرى لشبه رآه فيها , أو أنه كان في شريعته الترجيح بالكبير , أو لكونه كان في يدها , وكان ذلك مرجحا في شرعه . وأما سليمان فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية , فأوهمهما أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه فتكون هي أمه , فلما أرادت الكبرى قطعه , عرف أنها ليست أمه , فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه , ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة , وإنما أراد اختبار شفقتهما ; لتتميز له الأم , فلما تميزت بما ذكرت عرفها , ولعله استقر الكبرى فأقرت بعد ذلك به للصغرى , فحكم للصغرى بالإقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة , قال العلماء : ومثل هذا يفعله الحكام ليتوصلوا به إلى حقيقة الصواب , بحيث إذا انفرد ذلك لم يتعلق به حكم , فإن قيل : كيف حكم سليمان بعد حكم داود في القصة الواحدة ونقض حكمه , والمجتهد لا ينقض حكم المجتهد ؟ فالجواب من أوجه مذكورة : أحدها : أن داود لم يكن جزم بالحكم . والثاني : أن يكون ذلك فتوى من داود لا حكما . والثالث : لعله كان في شرعهم فسخ الحكم إذا رفعه الخصم إلى حاكم آخر يرى خلافه . والرابع : أن سليمان فعل ذلك حيلة إلى إظهار الحق وظهور الصدق , فلما أقرت به الكبرى عمل بإقرارها , وإن كان بعد الحكم كما إذا اعترف المحكوم له بعد الحكم أن الحق هنا لخصمه . قوله : ( فقالت الصغرى : لا - يرحمك الله - هو ابنها ) معناه : لا تشقه , وتم الكلام , ثم استأنفت فقالت : يرحمك الله هو ابنها , قال العلماء : ويستحب أن يقال في مثل هذا بالواو فيقال : لا ويرحمك الله .
الأحكام
·        القضاء مبني على الاجتهاد وفق ما يسمعه القاضي من حجج و بينات
·        اختلاف المجتهدين أمر سائغ شرعا
·        الاجتهاد لا ينقض بمثله و أجيب عن فعل سليمان بأوجه ( يرجع إليها في الشرح
·        جواز استعمال الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية
  • استحباب أن يقال في مثل "لا, يرحمك الله" هذا بالواو فيقال : لا ويرحمك الله .أو يقال كما في رواية البخاري: " لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّه ُ".
Résuméabuiyad